responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 29  صفحه : 518
مُقَاتِلٌ: يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ يُصَادِقُوكُمْ وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ بِالضَّرْبِ وَأَلْسِنَتَهُمْ بِالشَّتْمِ وَوَدُّوا أَنْ تَرْجِعُوا إِلَى دِينِهِمْ، وَالْمَعْنَى أَنَّ أَعْدَاءَ اللَّه لَا يُخْلِصُونَ الْمَوَدَّةَ لِأَوْلِيَاءِ اللَّه لِمَا بَيْنَهُمْ مِنَ الْمُبَايَنَةِ لَنْ تَنْفَعَكُمْ أَرْحامُكُمْ لَمَّا عُوتِبَ حَاطِبٌ عَلَى مَا فَعَلَ اعْتَذَرَ بِأَنَّ لَهُ أَرْحَامًا، وَهِيَ الْقَرَابَاتُ، وَالْأَوْلَادُ فِيمَا بَيْنَهُمْ، وَلَيْسَ لَهُ هُنَاكَ مَنْ يَمْنَعُ عَشِيرَتَهُ، فَأَرَادَ أَنْ يَتَّخِذَ عِنْدَهُمْ يَدًا لِيُحْسِنُوا إِلَى مَنْ خَلَّفَهُمْ بِمَكَّةَ مِنْ عَشِيرَتِهِ، فَقَالَ: لَنْ تَنْفَعَكُمْ أَرْحامُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ الذين توالون الكفار من أجلهم، وتقربون إِلَيْهِمْ مَخَافَةً عَلَيْهِمْ، ثُمَّ قَالَ: يَوْمَ الْقِيامَةِ يَفْصِلُ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ أَقَارِبِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ فَيَدْخُلُ أَهْلُ الْإِيمَانِ الْجَنَّةَ، وَأَهْلُ الْكُفْرِ النَّارَ وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ أَيْ بِمَا عَمِلَ حَاطِبٌ، ثُمَّ فِي الْآيَةِ مَبَاحِثُ:
الْأَوَّلُ: مَا قَالَهُ صَاحِبُ الْكَشَّافِ: إِنْ يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لَكُمْ أَعْداءً كَيْفَ يُورِدُ جَوَابَ الشَّرْطِ مُضَارِعًا مِثْلَهُ، ثُمَّ قَالَ: وَوَدُّوا بِلَفْظِ الْمَاضِي نَقُولُ: الْمَاضِي وَإِنْ كَانَ يَجْرِي فِي بَابِ الشَّرْطِ مَجْرَى الْمُضَارِعِ فِي عِلْمِ الْإِعْرَابِ فَإِنَّ فِيهِ نُكْتَةٌ، كَأَنَّهُ قِيلَ: وَوَدُّوا قَبْلَ كُلِّ شَيْءٍ كُفْرَكُمْ وَارْتِدَادَكُمْ.
الثَّانِي: يَوْمَ الْقِيامَةِ ظَرْفٌ لِأَيِّ شَيْءٍ، قُلْنَا لِقَوْلِهِ: لَنْ تَنْفَعَكُمْ أو يكون ظرفا ليفصل وَقَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ: يُفْصَلُ بِضَمِّ الْيَاءِ وَفَتْحِ الصَّادِ، ويَفْصِلُ عَلَى الْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ وَهُوَ اللَّه، و (نفصل) و (نفصل) بِالنُّونِ.
الثَّالِثُ: قَالَ تَعَالَى: وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ وَلَمْ يَقُلْ: خَبِيرٌ، مَعَ أَنَّهُ أَبْلَغُ فِي الْعِلْمِ بِالشَّيْءِ، وَالْجَوَابُ: أَنَّ الْخَبِيرَ أَبْلَغُ فِي الْعِلْمِ وَالْبَصِيرَ أَظْهَرُ مِنْهُ فِيهِ، لِمَا أَنَّهُ يَجْعَلُ عَمَلَهُمْ كَالْمَحْسُوسِ بِحِسِّ الْبَصَرِ واللَّه أعلم. ثم قال تعالى:

[سورة الممتحنة (60) : آية 4]
قَدْ كانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْراهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآؤُا مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنا بِكُمْ وَبَدا بَيْنَنا وَبَيْنَكُمُ الْعَداوَةُ وَالْبَغْضاءُ أَبَداً حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ إِلاَّ قَوْلَ إِبْراهِيمَ لِأَبِيهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ وَما أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ رَبَّنا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنا وَإِلَيْكَ أَنَبْنا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ (4)
اعْلَمْ أَنَّ الْأُسْوَةَ مَا يُؤْتَسَى بِهِ مِثْلُ الْقُدْوَةِ لِمَا يُقْتَدَى بِهِ، يُقَالُ: هُوَ أُسْوَتُكَ، أَيْ أَنْتَ مِثْلُهُ وَهُوَ مِثْلُكُ، وَجَمْعُ الْأُسْوَةِ أُسًى، فَالْأُسْوَةُ اسْمٌ لِكُلِّ مَا يُقْتَدَى بِهِ، قَالَ الْمُفَسِّرُونَ أَخْبَرَ اللَّه تَعَالَى أَنَّ إِبْرَاهِيمَ وَأَصْحَابَهُ تَبَرَّءُوا مِنْ قَوْمِهِمْ وعادوهم، وقالوا لهم: إِنَّا بُرَآؤُا مِنْكُمْ، وَأَمَرَ أَصْحَابِ رَسُولَ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يأنسوا بِهِمْ وَبِقَوْلِهِمْ، قَالَ الْفَرَّاءُ: يَقُولُ أَفَلَا تَأَسَّيْتَ يا حاطب بإبراهيم في التبرئة من أهل فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: إِذْ قالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآؤُا مِنْكُمْ وَقَوْلِهِ تَعَالَى: إِلَّا قَوْلَ إِبْراهِيمَ لِأَبِيهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ وَهُوَ مُشْرِكٌ وَقَالَ مُجَاهِدٌ: نُهُوا أَنْ يَتَأَسَّوْا بِاسْتِغْفَارِ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ فَيَسْتَغْفِرُونَ لِلْمُشْرِكِينَ، وَقَالَ مُجَاهِدٌ وَقَتَادَةُ: ائْتَسُوا بِأَمْرِ إِبْرَاهِيمَ كُلِّهِ إِلَّا فِي اسْتِغْفَارِهِ لِأَبِيهِ، وَقِيلَ: تَبَرَّءُوا مِنْ كُفَّارِ قَوْمِكُمْ فَإِنَّ لَكُمْ أُسْوَةً حَسَنَةً فِي إِبْرَاهِيمَ وَمَنْ مَعَهُ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الْبَرَاءَةِ مِنْ قَوْمِهِمْ، لَا فِي الِاسْتِغْفَارِ لِأَبِيهِ، وَقَالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ: يُرِيدُ أَنَّ إِبْرَاهِيمَ عَادَاهُمْ وَهَجَرَهُمْ فِي كُلِّ شَيْءٍ إِلَّا فِي قَوْلِهِ لِأَبِيهِ: لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ، وَقَالَ ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ: لَيْسَ الْأَمْرُ عَلَى مَا ذَكَرَهُ، بَلِ الْمَعْنَى قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ فِي كُلِّ شَيْءٍ فَعَلَهُ، إِلَّا فِي قَوْلِهِ لِأَبِيهِ:
لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ/ وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَما أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ هَذَا مِنْ قَوْلِ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ يَقُولُ لَهُ: مَا أُغْنِي عَنْكَ شَيْئًا، وَلَا أَدْفَعُ عَنْكَ عَذَابَ اللَّه إِنْ أَشْرَكْتَ بِهِ، فَوَعَدَهُ الِاسْتِغْفَارَ رَجَاءَ الْإِسْلَامِ، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ:

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 29  صفحه : 518
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست